مصر

مصر

Thursday, April 28, 2011

ماذا يحدث إن أختلفنا مع الحاكم في الدولة الإسلامية

حكم الخروج على الحكام الذين يقترفون المعاصي والكبائر
هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد ، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة ، فما رأي سماحتكم ؟
الحمد للهأجاب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ، فقال : " بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :فقد قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) النساء/59 ، فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر ، وهم الأمراء والعلماء ، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة ، وهي فريضة في المعروف ، والنصوص من السنة تبين المعنى ، وتقيد إطلاق الآية بأن المراد طاعتهم في المعروف ، ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي ، فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية ، لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله ، فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) ، وسأله الصحابة رضي الله عنهم - لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : ( أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) . قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله ، وقال : ( إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) ، فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ، ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان ؛ وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فساداً كبيراً ، وشراً عظيماً ، فيختل به الأمن ، وتضيع الحقوق ، ولا يتيسر ردع الظالم ، ولا نصر المظلوم ، وتختل السبل ولا تأمن ، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير ، إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان ، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان ؛ لإزالته إذا كان عندهم قدرة ، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا ، أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج ؛ رعاية للمصالح العامة .والقاعدة الشرعية المجمع عليها : ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه ، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ، أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين ) ، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً عندها قدرة تزيله بها ، وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين ، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس ، أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير ، واختلال الأمن ، وظلم الناس ، واغتيال من لا يستحق الاغتيال إلى غير ذلك من الفساد العظيم ، فهذا لا يجوز ، بل يجب الصبر ، والسمع والطاعة في المعروف ، ومناصحة ولاة الأمور ، والدعوة لهم بالخير ، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير . و هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك ؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة ، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير ، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر ، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية " انتهى ."مجموع فتاوى ابن باز" (8/202-204) .


والله أعلم .

1 comment:

Anonymous said...

*ماذا يحدث اذا اختلفنا مع الحاكم في الدولة الإسلامية؟

مع تحفظي على استخدام مصطلح "الدولة الإسلامية" (بسبب عدم وجود نموذج قياسي لهذه الدولة)، لكن لو تجاوزنا هذا التحفظ فإنني أجد بأن هذا السؤال من الصعب الإحابة عليه بشكل دقيق. فهناك عدة اجابات مختلفة و متضاربة و في نفس الوقت قد تكون جميعها صحيحة حسب قناعات تاجر الدين عفواً أقصد عالم الدين (مع تحفظي أيضاً على استخدام مصطلح عالم في هذا الموضع). و بالتأكيد يستطيع كل عالم و مجتهد من هذا النوع تبرير إجابته و الإتيان بما يدعمها من أدلة و شواهد داعمة لها. الصحابة أنفسهم و هم الذين من المفترض أنهم أخذوا الإسلام من منبعه الأصلي، هناك فئة منهم تواجهت في ساحات القتال لحل خلافاتها في الحكم و منهم من كان يرى بوجوب رفع السيف على الحاكم العاصي الظالم، و هناك فئة أخرى منهم كانت تعتقد بضرورة الصبر على عصيانه و ظلمه و وجوب اعتزال من يدعون الى الخروج عليه. فإذا اختلف الصحابة أنفسهم في هذه المسألة، فهل نتوقع نحن إيجاد توافق عليها بين المتأخرين بعدهم بأكثر من ألف و أربعمائة سنة من الهجرة؟

عبد العزيز بن باز (المفتي السابق لمملكة آل سعود و صاحب فتوى تكفير كل من يعتقد بكروية الأرض و دورانها حول الشمس و الذي من يومها و السلطات لم تتدخر جهداً لإخفاء كل أثر لتلك الفتوى الفضيحة و اصدار آلاف التكذيبات لها) هو أحد ممثلي الفرع الوهابي من جماعات الإسلام السياسي. و هذا الفرع معظم شيوخه و علماءه يحرمون بشدة الخروج لى ولي الأمر و يعتبرون هذا التصرف من الفساد في الأرض مهما كان الحاكم عاصياً ظالماً ما لم يدعو لكفر بواح، يعني لا مشكلة في أن يكفر بالبشر و يحصد منهم آلاف المعارضين في المسالخ البشرية، المهم ألا يكفر بالله.

لكن ماذا عن الفروع الأخرى لجماعات الإسلام السياسي و تحديداً المصرية منها كالأخوان المسلمين و الجماعة الإسلامية و جماعة المسلمين سابقاً (التكفير و الهجرة) و غيرهم؟ هل كانوا يشاطرون بن باز نفس الرأي؟ طبعاً المطاردة الأمنية المكثفة لهذه الجماعات الدموية التي تم شنها عليهم عبر مطاردتهم و قتلهم أو اعتقالهم جعلت الأحياء منهم يقررون داخل السجون أو في المنافي اجراء ما يعرف ب"المراجعات" و الندم على ما فات لإنقاذ رقابهم أو لحفظ خط الرجعة، و لكن التاريخ لا ينسى اعتقادهم السابق بمشروعية و وجوب الخروج على الحاكم الظالم، و منهم من لم تكتفي بتكفيره و تكفير رجال الأمن و رجال الدولة، بل حتى تكفير المجتمع بأكمله و استحلال دماء المواطنين العزل و أموالهم لمجرد قبولهم بحكم هذا الحاكم، فضلاً عن تخريب اقتصاد البلد بأكمله عير ضرب مفاصله الحيوية.

اذاً لا توجد سياسة موحدة من مسألة الخروج على الحاكم في أدبيات جماعات الإسلام السياسي. حتى لفظ "الحاكم" تختلف حوله بعض اجتهادات هذه الجماعات، فهل المقصود الحاكم المطلق للمسلمين (الخليفة) أو الحاكم القطري الذي يحكم بالدستور العلماني أو الحاكم بما أنزل الله، و من منهم الذي يصح الخروج عليه و متى الــخ من تخريجات و تفريعات و اجتهادات قائمة على فهم شخصي. و هذا يؤكد على أن فهم النص الديني و تأويله هو ليس فهماً مطلقاً، بل هو قابل للفهم المختلف و الإجتهادات المتعددة. و حتى النص الذي يستحيل قسمته على اثنين يتم التعامل معه تبعاً لذوق المجتهد بإنتقائيه لأن الدين حمال أوجه، و يمكن الإتيان من نصوصه بما يدعم و ينفي ذات المسألة تبعاً لأسلوب الإنتقاء و التجاهل و محاولات التبرير. لذلك لا يصح مطلقاً أن يكون جزءاً من دستور أي دولة تريد أن يحكمها دستور مدني حقيقي يفسره المشرعون بلغة واحدة حيث لا مكان فيه للإنتقائية و الإجتهادات الأهوائيه، و يفهمه المواطنون بطريقة واحدة على اختلاف الأجناس و الأعراق و الأديان.

و هذا يجعل فتوى بن باز مجرد جزء من الصورة و ليست الصورة الكاملة. بالمناسبة (و رغم أنه ليس موضوعنا) أحد المناصب التي تقلدها هذا العلامة هو رئاسة لجنة البحوث العلمية والإفتاء و الدعوة و الإرشاد. طيب افتاء و دعوة و ارشاد يمكن فهمها (رغم أن فتاويهم و دعواتهم و ارشادهم كان و ما زال وبالاً على البشرية)، لكن رئاسة لجنة بحوث علمية و هو لا يعرف أبسط ما يعرفه أي طالب اعدادية حول حركة الشمس و الأرض في نظامنا الشمسي؟ هذا ما يحدث عند خلط الدين بالعلم، و النتيجة هي الإساءة الى كليهما.

و عودة للسؤال الأساسي: *ماذا يحدث اذا اختلفنا مع الحاكم في الدولة الإسلامية؟ (اذا أفترضنا أن هذا الطريق هو مستقبل مصر و أنا أختلف مع ذلك تماماً)، فالجواب يكون: الشعب الذي قام بإسقاط رموز النظام السابق لا شك قادر على اسقاط هذا الحاكم أيضاً، اذا أراد ذلك.